الخميس، 27 يونيو 2019

النظرية التركيبية للعُقد: عمليات ريدمستر Reidmeister (3)


عرفت العُقد انطلاقة جديدة في بداية القرن العشرين، تحديدا بفضل طرائق التوبولوجي الحديثة: زمرة بوانكريه Groupe de Poincré (المعروفة بالزمرة الأساسية) وزمرة التماثل  وغير ذلك. مما سمح بتحقيق تقدم كبير. ويمكن للمهتم أن يرجع مثلا لأعمال بيورد Burde، زيشانج Zieschang كراول Crowell وفوكس Fox.
في الوقت نفسه حدث تقدم على صعيد آخر من البحث: النظرية التركيبية للعُقد؛ وإحدى المشاكل الأساسية هي كالتالي:
بوجود زوج من الرسوم التخطيطية D1، D2، كيف نعرف إذا كانت العُقد التي يمثلونها في نفسها أم لا ؟
لقد قدم كورت ريديمستر حلا لهذه المشكلة؛ حيث عرف ثلاث عمليات على الرسم التخطيطي للعقدة تسمى "حركات ردميستر"، وتعنى بتعديل جزء من الرسم التخطيطي مع ترك الباقي كما هو.
هذه العمليات الثلاث لا تغير من العُقدة، حيث إن الأولى معنية بإظهار (إخفاء) حلقة صغيرة، والثانية تهتم بظهور (إخفاء) زوج من التقاطعات التوأمية، والثالثة تهتم بمرور فرع فوق تقاطع.
وبالعكس؛ استطاع ريدمستر Reidmeister أن يثبت أن زوج من الرسوم التخطيطية يعرفا العقدة نفسها إذا كان يمكن المرور من الواحد إلى الآخر بعمل عدد منتهي من المرات للعمليات المعروفة بعالية، للأسف فإننا لا نعرف كم مرة يجب عمل هذه العلميات.
لا متغيرات العُقدة
لقد استخدم الرياضيون "اللامتغيرات" لطرح مشكلات التصنيف. وتعد شيئا لا يتوقف سوى على العُقدة، وليس على الطريقة التي نقدم بها العُقدة. ومثال على ذلك قياسات التعقيد التي وضعها تيه كذلك عدد التقاطعات للعقدة يعتبر لا متغير، ويوجد العديد من الثوابت التي نحصل عليها بفضل التوبولوجي الجبرية: وهي زمرة العُقدة (الزمرة الأصلية للمكمل) زمر التماثل Groupe d'homologie الأشكال الرباعية Forme quadratiques والمغلقة Hermitiennes ...الخ. ولن نتحدث هنا سوى عن اللامتغيرات التي يمكن أن توصف بفضل "أن رسم تخطيطي للعقدة" وتكون سهلة الحساب والمقارنة.
إن إحدى أبسط اللامتغيرات والتي عرفها فوكس كانت بفضل مفهوم الألوان الثلاثية Tricolorabilitié ونقول عن الرسم التخطيطي للعقدة إنه قابل أن يكون ثلاثي الألوان إذا كنا نستطيع تلوينه باستخدام ثلاثة ألوان مع احترام القواعد الآتية:
 كل خيط يجب أن يكون بلون واحد فقط، وفي كل تقاطع تكون الألوان الثلاثة يجب أن يكون ممثلة أو لون واحد فقط يكون ممثلا.
في النهاية يجب أن نستخدم لونين من ثلاثة ألوان على الأقل لتلوين العُقدة.
نثبت أن خاصية القابلية للتلوين الثلاثي ثابت للعقدة: أو بقول آخر، لتكن كل الرسومات التخطيطية للعقدة قابلة للتلوين الثلاثي، أو كلها غير قابلة. لهذا الإثبات، نستخدم نظرية ريدميستر بالفعل يجب إثبات أن حركة ريدميستر لا تغير الخاصية القابلية للتلوين بثلاثة ألوان.
يسهل التحقق من أن عقدة الترفل ثلاثية الألوان، وعقدة الـ 8 ليست كذلك، والعُقدة التافهة ليست ثلاثية الألوان. وبذلك يمكن إثبات أن عقدة الترفل ليست تافهة، وإنها تختلف عن عقدة الـ 8، لأن اللامتغير مفيد لكنه ضعيف جدا: إنه يقسم العُقد لصنفين فقط. إحدى خطوات نظرية العُقد هو البحث عن لا متغيرات أكثر قدرة.
الحالة المثالية هو إيجاد لا متغير كامل، أي لا متغير يسمح بتمييز كل العُقد.
لقد أخذت اللامتغيرات الكثيرة الحدود Invariants Polinomiaux اهتماما كبيرا. أولها قد عرفه جي-دبليو ألكسندر J.W Alexander في عام 1928.
لم تكن حدود ألكسندر كثيرة، لا متغير كامل: مثلا فهو لا يفرق بين عُقدة وصورتها في المرآة. وكثيرة حدود ألكسندر للعقدة التافهة تساوي: 1.
يوجد أيضا عُقد غير تافهة لكثيرة الحدود ألكسندر تساوي 1، إذن كثيرة الحدود هذه لا تسمح بتقرير إذا كانت عُقدة تافهة أم لا.
إنه لا متغير مفيد جدا في الوقت نفسه. ويسمح معظم عُقد جدول كيركمان وتيه.
مثلا: يوجد الكثير من التعريفات لكثيرة الحدود هذه. بعضها تركيبية، وتسمح بحساب سريع لكثيرة الحدود بدءا من رسم تخطيطي، وأخرى مبنية على مفاهيم دارجة عن التوبولوجي الجبري، وتسمح بفهم هذه الفكرة بوضعها في إطار أكثر عمومية.
كانت مفاجأة كبيرة اكتشاف لا متغير جديد كثير الحدود على يد ف.ر جونز V.R. Jones عام 1984، وسبب ثورة حقيقية في نظرية العُقد. وكان أول تعريف لـجونز مبني على أفكار ناتجة من نظرية الجبر لـفون نيومان Von Neuman وجبرهيك Hecke وتبدو لأول وهلة معجزة، واليوم تم وضع عدة تعاريف بفضل أعمال كوفمان Kauffman وويتن Witten وجونز.
بعكس كثيرة الحدود ألكسندر لم نجد تعريف توبولوجي. بالعكس كثيرة الحدود تلك مرتبطة بمجالات رياضية وفيزيائية لم نكن نشك أنه يمكن أن يكون لها علاقة بالعُقد.
إن فهم هذه الظواهر هو موضوع بحثي مازال تحت التطوير، كثيرة الحدود تلك كانت أساس "فرضية تيه". فمثلا عدد التقاطعات المتعاقبة يقرأ بسهولة شديدة بدءا من كثيرة الحدود جونز، سمحت إذن هذه الأداة الحديثة أن تحل مشكلات يرجع تاريخها إلى مائة عام.
من جانب آخر يوجد تعريف ذو طبيعة تركيبية يظهر شبه كبير بين كثيرات حدود جونز وألكسندر، إنها نظرية "ثوابت رابطة خيوط" جونز. والتي اخترعها جي كوانواي Conway في عام 1969. وعلاقتها علاقة ترابط لا متغيرات الضفائر n⁻,n⁺,no كل مرة تكون هذه الضفائر لا تختلف سوى في تقاطع واحد كما في الصورة:

بدقة أكثر إذا كان P ثابتا ذا قيم في حلقة A (في معظم الوقت تكون حلقة في كثيرة الحدود) نقول: إن P تحقق علاقة الرابطة إذا وجد a₀,a₋,a₊∈ A بحيث:
a₊Pn₊ + a₋Pn₋ + aₒPnₒ =0
إن كثيرات حدود ألكسندر وجونز يحققان كل منهما هذه العلاقة.
يوجد أيضا حدود بمتغيرين تسمح بإيجاد كل ما بين كثيرتي الحدود.
هذه النظرية الجميلة لها حدود: لا يوجد ثابت للرابطة ليس ثابتا كاملا.
إن عرض فاسليف Vasslilev الذي يعود تاريخه إلى عام 1980، أتى بتناول جديد لـنظرية العُقد. إنما تمثل زوج من التجديدات الرئيسية.
من ناحية أخرى، بالإضافة إلى العُقد المعتادة، درس فاسليف "عُقد مفردة" أي: أن لديها نقط مزدوجة.
من جهة أخرى تسمح نظريته بالطرائق إلى "كل" اللامتغيرات العددية للعقد في الوقت نفسه، وإيجاد لا متغيرات كثيرات حدود سبق تعريفها.
يظن كثير من المتخصصين أن فاسيليف يسمح بتمييز كل العُقد، ولكن ذلك غير مبرهن حالياً.
لا يمكن القول أكثر من ذلك هنا ولكن يستطيع القارئ مراجعة أعمال فاسيليف وفوجل Vogel، وكذلك العروض التي يمكن فهمها لغير المتخصصين مقالات سوسنكي Sossinsky.
كما رأينا من قبل، فنحن نتصرف من خلال الكثير من الثوابت، إذا كان أي من ثوابت كثيرات الحدود المعروفة، يعتبر ثابتا كاملا، فإنه يوجد لا متغيرات أكثر رقيا يمكن أن تكون كاملة، وشبه كاملة.
و جوردن Gordon ولوك Luecke أثبتا في عام 1989 أن زمرة العُقد تعتبر لا متغير كامل بالنسبة للعُقد "الأولية". وهي نتيجة مهمة، لكنها لا تضع نهاية للأبحاث الجارية على العُقد ولا متغيراتها.
إن زمرة العُقدة موضوع معقد، وسيكون من المهم إيجاد لا متغير كامل أكثر بساطة - مثلا لا متغير كثيرة الحدود.
لقد كان جزءا من الدافع لدراسة العُقد في القرن التاسع عشر آتي من آفاق التطبيقات في علوم أخرى، إنه كذلك الحال اليوم. فالروابط مع الفيزياء متعددة.
فنظرية العُقد تتدخل أيضا مع الكيمياء والبيولوجي وذلك بطريقتين:
من ناحية، يعمل الكيميائيون على خلق جزئيات معقدة ومضفرة للحصول على مود حديثة ذات خواص مهمة. نظرية دراسة العُقد مهمة أيضا في دراسة طوبولوجي (التضاريس الرياضية) الدنا DNA في الخلية.
على الرغم من أن الدنا DNA نادرا ما يكون عُقدة في الطبيعة ولكن تتكون العُقد والضفائر في سياق الاستنتساخ وإعادة التركيب Transcription et replication بعض الإنزيمات المسماة Topoisomerases تغير توبولوجية الدنا DNA يشبه تأثيرهم التحويلات التوبولوجية التي تتداخل في علاقات الرابطة المستخدمة في حساب بعض ثوابت كثيرات الحدود.
------ -- ------ -------- -------- -------- -------- --
المصادر:
- BAR-NATHAN (D) "On the Vassiliev Knot Invariants", Topology 34, p.423-475.
-BJRMAN (J), "Braids, Links and Mapping Class Groups". Annals of Mathematics Studies 82, Princeton University Press, 1976.
- CONWAY (J.H), "An Enumeration of Knots and Links" Compatational problems in abstract albebra (ed.J.Leech), Pergamon Press (1969), p329-58.
- DUPLANTIER (B.), "Les polmères noués" Pour la science, dossier hors-séries, avril 1977, p.119.
- GAUSS (C. F.), "Zur matematischen Theorie der electrodinamischen Wirkungen", manuscrit publié dans Werke, vol. 5. K.Ges.wiss. Gottingen, (1877); 605.
-GORDON (C. McA), LUECKE (J.), "Knots are determined by their complements", J. Amer. Math. Soc. 2 (1989). p.371-415.
- JONES (V.-F.-R.), "Les noeds en mécanique statistique", Pour la Science, dossier hors-séries, avril 1997; p.98-103.
- KAUFFMAN (L.) "On knots", Annals of Mathematics Studies 115, Princeton University Press, 1987.
- STASIAK (A.), "Noeuds idéaux et noeuds réels", Pour la Science, dossier hors-série, avril 1997. p.106-111.
- TAIT (P.-G.), "On knots", I. II. III., Scientific Papers, Vol I. (1898). p.273-347.
- WITTEN (E.), "Quantum field theory and the Jones polynominal", Co. Math. Phys. 121 (189), p.351-399.

0 comments

إرسال تعليق