الخميس، 20 يونيو 2019

ماذا تعرف عن علم التبلر وعلم شبه التبلر ؟

Penrose tiling


إن "البلورة" هي مادة صلبة تتوزع ذراتها بطريقة دورية ثلاثية الأبعاد في الفراغ. وقد أضاف الاتحاد الدولي لعلم التبلر (IUCr) في عام 1991 إلى هذا التعريف، الذي يرجع إلى بداية القرن العشرين، تعريف "البلورة غير الدورية" (cristal apériodique)، وهي مادة صلبة دورية ثلاثية الأبعاد لكنها تبدي طيف حيد منفصل أساسا. إنها الأطوار غير المتناظرة، التي اكتشف أول مثال لها ليند (Linde) وجونسون (Johnson)، عام 1936، وأشباه البلورات التي اكتشفها داني ششتمان (Dany Shechtman) عام 1982.
لقد قلب القادمون الجدد مشهد علم التبلر رأسا على عقب مما أدى إلى علم شبه التبلر، أو علم التبلر ذي الأبعاد N حيث N رقم صحيح أكبر من 3.
ويعتمد علم التبلر على مفهوم التماثل أي: الثابتية (invariance). ونجد هذا المفهوم في الفيزياء في سياقات متعددة. بدءا من الثابتية الهندسية البسيطة لتراكب الجسم على نفسه، إلى تعريف المقادير الأولى ميكانيكي، أو تعريف معادلة حالة، فإن التماثل هو الترجمة المنطقية لإسهاب الطبيعة التي لا تسمح إلا بوصف يمثل الحد الأدنى له، ولا يكون التماثل ضروريا في أي مكان لكنه نافع في كل مكان. 
ويستخدم علم التبلر التعبير الأولى جدا للتماثل، الذي يمكن مباشرة إبصاره هندسيا، وتكون عناصره هي حالات تساوي القياس الخاص بالفراغ الإقليدي: التعاكس، والدوران، والانعكاس في المرآة، والتي يضاف إليها الانتقال في الفراغ، بافتراض أن البلورة المثالية تكون لا نهائية.
إن تحريك بلورة بعدد صحيح من المرات لأي من دوراتها يعني التطابق معها تماما. إنها إحدى عمليات الثباتية.
إن مجموع كل الحركات الانتقالية للبلورة هي عائلة المتجهات التي تعبر عن نفسها كمجموع الدورات الثلاث الأساسية ذات المعاملات "الصحيحة". إنها تسمى "الشبكة"، وهي مجموعة الحركات الانتقالية للبلورة. وتحدد المتجهات الثلاثة الأساسية التي تولد هذه الشبكة متوازي أضلاع يسمى "الحلة الأولية".
إن وصف البلورة بالمقياس المجهري يرتكز على وصف هذه الحلة بإعطاء أطوال أضلاعها، والزوايا بين ثلاثة من أضلاعها المتلاقية وتحديد ما يسمى بالنموذج، أي: الطبيعة الكيميائية ومواضع الذرات التي تضمها. ويتم بعد ذلك بناء البلورة العيانية، أي التي ترى بالعين المجردة، وذلك بمجرد مضاعفة هذه الحلقة إلى ما لا نهاية، بإزاحتها في كل مرة طبقا لمتجه من متجهات الشبكة. والجسم الذي يتم الحصول عليه بهذه الطريقة يملأ الفراغ، بمعنى أن كل حلقة تكون ملاصقة لجارتها، ولا يمثل المجموع أية فجوة أو انطباقا.
لوجود الشبكة البلورية نتائج مهمة:
- النتيجة الأولى ذات طابع هندسي. إن حالات تماثل دوران البلورة بزاية θ تترك الشبكة ثابتة أو يكون تغيرها صفرا، إذ يتعين عليها تحويل كل متجه ذي إحداثيات صحيحة إلى متجه ذي احداثيات صحيحة. ويترجم ذلك، بالنسبة للأبعاد الثنائية والثلاثية، بالقاعدة الهندسية الإجبارية التي تفرض أن يكون 2cosθ عددا صحيحاً. ولا يمكن توفر ذلك إلا بالنسبة للزوايا التالية:
θ= صفر، 3/π ـ 2/π ـ 3/π ـ 2، π، ولها فقط: إن البلورات لا تستطيع أن تمثل سوى حالات تماثل ثنائية (π)، و"ثلاثية" (2π/3)، و"رباعية" (2/π)، و"سباعية" (3/π). وهكذا تم تصنيف البلورات إلى سبعة نظم بلورية موزعة على 32 مجموعة تماثل اتجاه، و230 مجموعة تماثل فراغي. [الشكل أسفله]
δΦ=2∏(k’.r-k.r)=2∏q.r=2∏n
 حيود  بلوري: لا تنعكس حزمة ساقطة لها متجه موجه k في الاتجاه k’ بواسطة أي نموذجين لبلورة تبعد مسافة r، إلا عندما يكون فرق تقدمهما أحد مضاعفات 2π، مثل عندما يكون متجه الموجة q=k’-k هو متجه للشبكة المقابلة للبلورة.
- إن النتيجة الثانية للدورية ذات طابع فيزيائي، عندما نرسل حزمة أحادية الطول الموجي من الجسيمات (فوتونات، إلكترونات، نترونات، الخ) على بلورة، تحدث ظاهرة "حيود": كل ذرة من البلورة توزع الجسيمات الساقطة في جميع الاتجاهات، بحيث يؤدي التداخل بين المويجات المنبعثة إلى أن تدمر كل منها الأخرى، إلا عندما تكون كل تغيرات الطور بين المويجات ذات عدد صحيح من مضاعف 2π، عندئذ تكون التداخلات بناءة وتولد حيودا. وتحدث هذه الظاهرة عندما يكون متجه الموجة الناشئ من الفرق بين متجه الموجة الخاص بالموجة الساقطة والموجة المنكسرة متجها، ويكون حاصل صربه غير الموجه مع عمليات نقل الشبكة عددا صحيحا إن متجهات الموجة التي تملك هذه الخاصية تشكل شبكة، وتكون هذه الشبكة ثنائية للشبكة البلورية، وتسكى "الشبكة المقابلة". ومن ثم تنقسم الحزمة الساقطة، بالنسبة لبعض اتجاهات البلورة، إلى مجموعة من الحزم المنكسرة تنتمي متجهات موجاتها للشبكة المقابلة: يقال إن طيف الحيود منفصل. تعتبر هذه الخاصية أساسية لدرجة أن رصد طيف حيود منفصل كان حتى فترة قريبة، بمثابة توقيع للدورية البلورية.
صورة لحيود إلكترونات سبيكة لها عشرون وجها توضح تماثلا خماسيا متناقضا مع الدورية البلورية.
لقد كان لإعلان اكتشاف أشباه البلورات، عام 1983، تأثير الثورة (الصورة الموالية) : تمثل البلورات أشكال حيود متكونة من نقاط ذات تمييز دقيق مثل البلورات، لكن تماثلها الكلي ليس بلوريا (كانت بلورات ششتمان Shechtman تمثل تماثل الشكل المنتظم ذي العشرين وجها، الذي لديه من بين محارو أخرى، محاور خماسية). لقد وجد علم التبلر نفسه أمام مفارقة، فأشباه بلورات ششتمان لديها كل صفات البلورات ...فيما عدا الدورية !
لقد ولدت البلورات "غير الدورية".
وفي الشهور القليلة التي أعقبت الاكتشاف، تم إعداد قواعد استنباط واحدة تشمل البلورات وأشباه البلورات واشباه البلورات تعتمد على مفهوم "شبه الدورية".
تبليط بنروز (Penrose) ذو التماثل الخماسي مثاليا ثنائي الأبعاد للبنية الذرية لأشباه البلورات.
إن أشباه البلورات عند فحصها من خلال مجهر إلكتروني ذي حدة تمييز عالية، تبدي انتظاما مدهشا يدل، مع أشكال الحيود، على نظام على مسافة طويلة.
إن هذه المواد الصلبة "الأكثر دورية من بين الجوامد غير الدورية"، طبقا لتعبير لويس ميشيل (Louis Michel)، تخفي حالات تماثلها في فراغات ذات أبعاد أكبر.
إن ذلك هو لب شبه الدورية، وهو مفهوم توصل إليه س. سكلاندون (C.Esclandon) في عام 1899، وطوره هـ.بوهر (H.Bohr) عام 1925م، ثم قام أ.بيسيكوفيك (A.Besicovic) بتعميمه 1932 في بحثه عن دراسة الدوال المتصلة شبه الدورية. إن الدوال شبه الدورية تتطابق مع قيود (مقاطع) ذات متغيرات d لدوال "دورية" ذات متغيرات N حيث d
إن هذه الفكرة البسيطة جدا الخاصة بالمقطع القطري للدوال الدورية، هي التي طبقت لبناء مجموعات من النقاط موزعة بطريقة شبه دورية. ومن ثم اقترح جون كونواي (John Conway) الخوارزم (algorithme) المسمى "طريقة الأقفاص" الذي يوصف كما يلي ترسم في المستوى شبكة مربعة بسيطة، يتم تقاطعها بأي خط مستقيم ميله غير نسبي بالنسبة للاتجاهات الأساسية x و y للشبكة. ويتم جمع كل المربعات الأولية التي تتقاطع مع هذا المستقيم، وينتج عن ذلك الحصول على شريط من المربعات على شكل درج حيث تتوزع الدرجات بطريقة منتظمة لكن غير دورية، لأن ميل المستقيم غير نسبي. ويختار لكل مربع مقطوع نقطة تمثله، على سبيل المثال الرأس العليا التي على اليسار، والتي يتم إسقاطها تعامديا على المستقيم. وبالتالي نحصل على متتالية من القطع المستقيمة الطويلة والقصيرة التي تتطابق، تبعا للاتجاه المختار، مع الاسقاطات على المستقيم للرؤوس التي تحيط بأضلاع المربعات تبعا لـ x وتبعا لـ y. إن جسما دوريا للمستوى قد ولد جسما آخر شبه دوري ذا بعد واحد، بواسطة مقطع اتجاه غير نسبي لمستقيم.
ترتكز شبه الدورية على عدم نسبية ميل المستقيم. فبمجرد أن يكون الميل نسبيا، تكون المتتالية دورية. وبالتالي، يتطابق جسم شبه دوري مع استكمال غير نسبي بين أجسام دورية. بالنسبة لبعد واحد يمكن أن تتولد منه كمية لا متناهية لا تحصى، في حين تكون المتتاليات الدورية قابلة للعد والإحصاء. ويمكن تصور كل متتالية شبه دورية مثل النهاية لسلسلة من المتتاليات الدورية ذات دورة متزايدة، بنيت انطلاقا من حزمة من خطوط مستقيمة تتجمع ميولها (النسبية) نحو العدد غير النسبي المميز للمتالية شبه الدورية النهائية. إن نسبة القطع المستقيمة القصيرة إلى القطع المستقيمة الطويلة تتوقف على ميل المستقيم، ويتطابق التوزيع النسبي بين القطع المستقيمة الطويلة والقصيرة، من حيث الإنشاء، مع الخليط الأمثل. إن أشباه البلورات تمثل بالنسبة للبلورات ما تمثله الأعداد غير النسبية بالنسبة للاعداد النسبية: إنها تثرى مجموعة الجوامد المرتبة على مسافة طويلة، وتتقاسم مع البلورات جملة خواصها الهندسية باستثناء الدورية.

حاليا، تعد الطريقة الأكثر استعمالا للخوارزم المولد لأشباه البلورات نابعة من تلك التي اقترحها عام 1985 بشكل منفرد كل من م.دينو (M.Duneau) و أ.كاتز (A.Katz) في فرنسا، وف.إلسير (V.Elser) في الولايات المتحدة، و ب.كالوجين (P.Kalugin) ول.ليفيتوف (L.Levitov) وم.كيتايف (M.Kitaev) في روسيا. وهي ترتكز على أنه انطلاقا من شبكة في حيز ذي بعد d
يؤدي هذا الخوارزم المطبق على فراغات ذات بعد أعلى من 2، بالنسبة لتبليط المستوى، إلى تركيبات تقبل كل حالات التماثل ذات الرتبة n (دوران 2π/n) الممكنة وليس فقط حالات التماثل الرتبة 2، 3، 4، 6 المسموح بها طبقا لقوانين علم التبلر. 
تتقاسم كل هذه الأنواع من التبليط خاصية تسمى انتظام يتكرر كل قسم محدود من التبليط بشكل دوري عدد لا نهائي من المرات في التبليط. وبالتالي، كل قسم محدود من المتتالية ذات البعد الواحد، أيا كان كبره يتكرر بانتظام على امتداد المتتالية بطريقة شبه دورية. وتتوقف المسافة المتوسطة للتكرار على القسم المختار وتزيد مع حجم هذا القسم. في البلورات، تكون هذه المسافة ثابتة ومستقلة عن القسم المعني، وتساوي دورة الشبكة.
أمثلة تبليط شبه دوري لمستوى ذي تماثل لا بلوري
إن إحدى النتائج البارزة لهذه الخاصية هي أن في كرة نصف قطرها r محدود لشبه بلورة يكون عدد الأشكال المختلفة محدودا. وبالتالي يمكن بطريقة شاملة تصنيف كل وسط موضعي للقرميد حول نقطة ما.
تتعلق النظرية الأساسية الثانية بتأثير الانتقال الرأسي لمستقيم القطع. سنتناول هذه المرة متتاليتين تم الحصول عليهما عن طريق مستقيمي قطع مختلفة ومتوازيين. نفترض أن الانتقال الرأسي الذي يحقق المرور من مستقيم إلى الآخر هو نوعي، وتكون المتتاليتان اللتان تم الحصول عليها بهذه الطريقة غير قابلتين للتراكب.
إن نظرية التشاكل الموضعي، أي: التماثل في الشكل موضعيا، تفترض أن كل قسم محدود لإحدى أشكال التبليط يتواجد في الآخر، والعكس بالعكس.
مع نظرية الانتظام، نرى أن التبليطين يتعذر أساسا التمييز بينهما ... إلا عندما لا نهاية.
لا نستطيع التمييز بينهما بفحض قسم محدود من التبليط، مهما كان كبيرا. إنهما متماثلان الشكل موضعيا.
هل يمكن القول إن أشكال بنروز (Penrose) تسمح بتماثل خماسي ؟ الإجابة: نعم، لكن بمعنى مختلف بعض الشيء عن معنى التراكب المهندسي لجسم على نفسه، فالأمر يتعلق هنا بشبه تماثل، وهو مفهوم نابع من النظريتين السابقتين، انتظام وتشاكل موضعي.
لفهم معنى ذلك، نفحص أولا أبسط حالات التماثل البلوري: حالة انتقال الشبكة. لذلك سنتناول المتتالية شبه الدورية التي سنقوم بنقلها بالنسبة لنفسها بكمية تساوي المسافة بين أي نقطتين من نقاطها.
نلاحظ عندئذ أن جزءا فقط من النقاط يتراكب. وإذا أحصينا العدد n من النقاط المتراكبة في فسحة حجمها d والعدد الكلي N للنقاط في هذه الفسحة، نتحقق من أن نسبة التغطية، التي يتم قياسها بالنسبة بين n/N، تنزع نحو نهاية غير صفرية: إن عددا محدودا من النقاط يتراكب.
إن تفسير ذلك بسيط: بما أن النقل t هو المسافة بين نقطتين من المتتالية موجودتين، فهو إذن يساوي المكونة الأفقية للمتجه T التي تربط تقاطعات الشبكة المربعة الحاملة لقطع المستقيمات الرأسية التي ولدت النقطتين المعنيتين. يمكن بالتالي الحصول على المتتالية المنقولة بتحريك مستقيم القطع السفلي، مسافة تساوي المكونة الرأسية للمتجه T لإعطاء المستقيم العلوي. وتكون المتتاليتان متماثلتا الشكل موضعيا، بما أنهما يرجعان إلى الأصل نفسه.
إن النقاط المشتركة بين المتتالية والمتتالية المنقولة عنها، قد تولدت إذن من القطع المستقيمة الرأسية التي تم قطعها في آن واحد بواسطة الخطوط المستقيمة الأفقية.
ولمعرفة نسبة التغطية، يكفي جعل القطعتين المستقيمتين النموذجتين للمتجه T المزاحتين الواحدة بالنسبة للأخرى، تنزلقان على امتداد الخط الأفقي لاقتيادهما على الخط الرأسي نفسه: يكون الجزء المشترك بينهما قطعة مستقيمة صغيرة، وعند قسمة طولها على طول القطعة المستقيمة النموذجية نحصل على نسبة التغطية، والتي بالتالي تتغير، طبقا للنقاط الأصلية المختارة، ما بين صفر وواحد مع استبعاد الحدود. كلما كانت المكونة الرأسية للمتجه T ضعيفة، كان للمتالية نقاط مشتكرة مع المتتالية المنقولة الخاصة بها.
ويكفي لتمثيلهما تطبيق خوارزم القطع، مع اختيار هذه القطعة المستقيمة الصغيرة المشتركة كقطعة مستقيمة نمذجية: يكون مجموع النقاط المشتركة متتالية شبه دورية، ومن ثم تمتد التغطية الجزئية بطريقة منتظمة إلى ما لا نهاية.
هل يمكن وصف النقل t بأنه عملية تماثل ؟
بما أن تطبيق هذا النقل يكافئ تحريك مستقيم القطع رأسيا، فلنجري تحريكا رأسيا متناه الصغر. وحيث إن أسقاط تقاطعات الشبكة المربعة على الخط الرأسي هو مجموع مكثف من النقاط، يوجد موضع يتقاطع فيه مستقيم القطع مع قطعة مستقيمة راسمة في الجوار المباشر لأحد أطرافه. ويكون تأثير النقل المتناهي الصغر هو ايتبعاد هذا التقاطع لصالح تقاطع جديد، صادر من القطعة المستقيمة التي يتم إسقاط أحد أطرافها على مستقيم رأسي، ف يالنقطة نفسها لأحد أطراف القطعة المستقيمة السابقة: و"تقفز" نقطة من المتتالية من موقع إلى آخر موقع آخر مجاور لصيق (طوير phason). ويحدث هذا الموقف الحرج عندما يمر مستقيم القطع بمركز مربع ما، وبالتالي عندما تقبل المتتالية بمركز للتماثل على مسافة متساوية من نقطتي القفزة. ومن ثم يكون الشكل حيث تختار نقطة اليمين لاستكمال المتتالية، مكافئا للشكل حيث تختار نقطة اليسار: إنهما يستنبطان الواحد من الآخر بالتعاكس حول المركز.
إن التحرك الرأسي المحدود يرتكز على تطبيق هذه العملية الأولية عددا لا محدود من المرات حول عدد لا محدود من مراكز التعاكس المختلفة. هكذا سوف نصمم بعملية شبه تماثل "كل عملية تماثل للمجموع المتكون بواسطة قطع مستقيمة راسمة موزعة على الشبكة المربعة، وهذه العملية تحول المتتالية إلى أخرى متماثلة الشكل معها موضعيا، مع ترك جزء محدود من النقاط ثابتة"
وبطريقة مماثلة، يوجد ذلك مجددا بالنسبة للتبليط شبه الدوري الثنائي والثلاثي الأبعاد. وهكذا يوضح الشكل تراكب تبليط ثماني الأضلاع على نفسه بعد عملية نقل. ويمكن بالمثل إجراء دوران للتبليط بمقدار 2π/8 حول أي من نقاطه.
يؤدي التراكب إلى عدد غير محدود من النقاط في حالة تراكب، ويكون التبليطان متماثلي الشكل موضعيا.
إن المعنى الفيزيائي لشبه التماثل هو التالي: لنتفحص نسختين من التبليط نفسه، وليكن مثلا ثماني الأضلاع، ولنعرض أحدهما لدوران 2π/8 حول نقط ما من التلبيط. لنأخذ منه جزءا نحدد حجمه كما نريد. وبما أن التبليطين متماثلين الشكل موضعيا، فإن هذا الجزء سيتواجد عددا لا نهائيا من المرات في التبليط الآخر: لا نستطيع التمييز بينهما بالفحص الموضعي، فهما موضعيا غير قابلين للتمييز بينهما. بهذا المعنى، يكون الدوران 2π/8 هو عملية تماثل للتبليط. والشيء نفسه بالنسبة لكل شكل له حجم محدود في تبليط ثماني الأضلاع يتواجد، بالتردد نفسه، تبعا لكل الاتجاهات المكافئة لمثمن الزوايا.
وبالتالي، انتقلنا مع شبه البلورات من المفهوم التقليدي للتماثل، عملية ثابتية بالتراكب الكلي لجسم، إلى مفهوم أكثر مرونة، نوع من النسخة "الموضعية" للتماثل، حيث تترجم الثابتية بالتراكب على المستوى الموضعي لكل الأجزاء المحدودة للجسم، والتي تتوزع مجددا تحت فعل عملية التامثل مع احترام ترددات الظهور الأصلية. لكن أليس ذلك في النهاية هو المعنى العميق للتماثل الحيزي في الفيزياء ؟ 
في الواقع، إن ما يهم ليس ثابتية طريقة توزيع الذرات في مجملها، لكن الثابتية، الأكثر دقة، الخاصة بالطريقة التي تترتب بها "الذرات بالنسبة لبعضها البعض".
إن عمليات شبه التماثل تحترم الثابتية الثانية هذه عند كل مقياس محدود.
ومن هذه الناحية، فإن عمليات شبه التماثل، بالنسبة للفيزيائي، مكافئة تماما لحالات التماثل البلوري.
إن أشكال تبليط بنروز تقبل تماما بتماثل خماسي الزوايا. بمعنى أن خواصها الفيزيائية واحدة في كل الاتجاهات المكافئة لمخمس الزوايا المنتظم. ومن ثم، مع أشباه البلورات لم يعد التماثل الهندسي، بالنسبة للفيزيائي، مرادفا للتكافؤ الفيزيائي.
إن التكافؤ الفيزيائي أكثر تسامحا من التماثل الهندسي: فليس من الضروري أن تكون البنية الذرية ثابتة هندسيا لكي يكون هناك تماثل، تسمى عملية ما بعملية تماثل  إذا نتج عنها جسم صورة لا يمكن تمييزه موضعيا، حيث كان عن الجسم الأصلي.
--------------------------------------------------
المصدر: من محاضرات البروفسور الفرنسي Denis Gratias

0 comments

إرسال تعليق