تطور ثوابت الإقتران (مقلوب الثابت) للقوى الكهربية الضعيفة (الإثنان العلويان) والقوية (السفلى). في حالة التماثل الفوقي |
بفضل الحرية المكتسبة في تغيير دور الإلكترون في كل نقطة، أو في تبديل الشركاء الاثنين المكونين لثنائي دوران نظيري ضعيف، أو تبديل الكواركات المختلفة الألوان، أمكن بناء النموذج المعياري وكتابة نظرية رياضية متماسكة.
للأسف، هذه النظرية الجميلة لا تصلح إلا للفرميونات أو البوزونات ذات الكتلة الصفرية. ولا يوجد شيء في النموذج المعياري يسمح بإدخال كتل القوى من الخارج لأننا حينئذ سوف نفقد النموذج صفة اللاتغير الجميلة.
ولكن يوجد حل لهذه المشكلة يعتمد على "اختراع" شيء جديد يمنعنا بطريقة "متناقضة" من هذه الحرية.
يصبح الأمر مثيرا للاهتمام عند استرجاعنا حالة الكهرومغناطيسية بالتفصيل. بفضل الفوتون، نستطيع أن نغير طور الإلكترون عند كل نقطة، إلا عند اعتراض خاصية معينة للوسط المحيط. إنه بالضبط مثل الحالة التي تظهر في الوسط الفائق التوصيل الذي نعلم أن الإلكترونات فيه بعد أن تتفاعل طفيفا مع الشبكة الأيونية، تصبح ملتفة في أزواج، مكونة زوجي كوبر Paire de cooper وشحنتهما 2e. ويعتبر زوجا - كوبر مادة عينية Macroscopique.
كما أن في كل نقطة في الفضاء، تتداخل آثار عدد كبير من هذه الأزواج مما يخلق مجالا يملأ المادة فائقة التوصيل وتكون النتيجة إغلاق الطور الممكن للإلكترون شغله في هذه النقطة، أيضا بسبب واقعة جديدة، ألا وهي تواجد مجال لأزواج كوبر بداخل المادة فائقة التوصيل، عندئذ تصبح حرية تغيير طور الإلكترونات عند كل النقط مرفوضة حتى عند "اختراعنا" الفوتون.
ولهذا أثر واضح، فالفوتون يقترن بمجال زوجي - كوبر ويصبح ذا كتلة. إنها ظاهرة مايسنر (Meissner effect) بداخل المادة فائقة التوصيل، حيث لا يستطبع المجال المغناطيسي اختراقها ويضعف على مسافة قصيرة تسمى طول الاختراق، λ وتكون في حدود عشرة ميكرونات. كل هذا يحدث كما لو أن الفوتون لم يستطع أن ينتشر بداخل المادة فائقة التوصيل أكثر من مسافة λ (واكتسب كتلة تساوي m~1/λ). ونذكر القارئ بظاهرة مايسنر بأنها تتسبب في استرفاع المادة فائقة التوصيل فوق المغناطيس. تظهر فكرة الفوتون ذي الكتلة كما لو كانت هرطقة تناقض ما ذكرناه من ثبل. ولكننا نتحدث الآن عن فوتون ليس حرا يتشابه قليلا مع كم المجال الكهرومغناطيسي بداخل الدليل الموجي. وتقول نظرية المواد الفائقة التوصيل إن الكتلة تتناسب مع الجذر التربيعي لكثافة زوج كوبر ∽d√.
في هذه المرحلة نستخدم القليل من الرياضة الفكرية.
يعتبر طور الدالة الموجبة للإلكترون زاوية، ويمكن رؤية تغيرات هذه الزاوية على أنها دورانات تنقل من نقطة إلى أخرى على دائرة محيطها فضاء أحادي البعد. وتلقب الدوارانات بمجموعة (1)U للدوران.
ولنفكر الآن في فضاء الدوران النظرير بدلا من الفضاء لأحادي البعد.
ونتصور أن هناك مجالا مماثلا لمجال زوجي كوبر، يحدد التوجه في هذا الفضاء أو يمنعه ومن ثم تحدث الدورانات المشروحة من قبل التي تتسبب في تبديل الإلكترون والنيوترينو على حساب امتصاص أو بث بوزون W.
وجد أن هذا المجال من الممكن احتواؤه رياضيا: إنه مجال الهيجز (Higgs) وأثره على البوزونات Z و W مماثل لأثر زوجي كوبر على الفوتون في المادة الفائقة التوصيل فتكتسب الفوتونات كتلة. والمعادلة التي تعطي هذه الكتلة مشابهة لما ذكرناه من قبل. مثلا: Mᵥᵥ=1/2gv حيث تمثل g معامل الاقتران الضعيف للبوزون W و v هي كثافة مجال الهيجز أو كما نسميها القيمة المتوقعة في الفراغ. وتعتبر ثالث بارميتير في نظرية النموذج المعياري MS وقيمتها ∽250 GeV. لابد أن يختار مجال الهيجز كثنائي دوران نظيري ضعيف حتى يتمكن من لعب دوره. يكون لهذا الثنائي من الكميات المركبة أربع درجات حرية: إنه مكون من أربعة أعداد حقيقية. ثلاث من درجات الحرية ملحقة (نستطيع أن نقول مأكولة) بالبوزونات Z و W التي تكتسب كتلتها هكذا. وتبقى الرابعة، في عقل النموذج المعياري على أنها جسيم عددي (لامتجه) علينا اكتشافه.
النموذج المعياري لمجال الهيجز، بناء جميل، ولكنه كانت تصف عالما من الجسيمات ذات كتلة مهملة وليس عالمنا. والأشياء كما يجب أن تكون هي: الفراغ الكمي (عند الطاقات المأخوذة) يتصرف كالمادة فائقة التوصيل. وكما فهم القارئ، فإنه فائق التوصيل بطريقة خاصة والتشابه مع المواد فائقة التوصيل العادية له حدوده.
بصياغة أخرى: معادلات النظرية تمتلك تماثلا جميلا، ضروريا لتماسكها ولكن الفراغ لا يملكها.
0 comments
إرسال تعليق