السبت، 15 يونيو 2019

كتل الجسيمات ...

مكونات المادة

إتماما للمقال السابق لماذا للجسيمات كتل ؟ فإنه بعد سنوات طويلة من التجارب والأبحاث في الفيزياء، سمح الأمر للفيزيائيين بإجراء اختزال على طريقة مندلييف منذ انتشار الجسيمات في الستينات إلى مجموعة محددة من المكونات الأولية كما في الصورة أعلاه.
من جهة اليسار؛ الليبتون (Lepton) والذي يعني الخفيف الذي يسير بحرية.
تنقسم الليبتونات إلى الآتي؛ الإلكترون e ذي الأعوام المائة، والميون µ ـ (Muon)، ميون كوني واحد في يقطع يدك في الثانية، والتأو τ ـ (Tau)، الذي تم اكتشافه منذ عشرين عاما وثلاثة نيوترينات مصاحبة لكل منهما.
ثم نأتي إلى الكواركات، الموجودة في جسيمات الهادرون (الجسيمات المنتجة في التفاعلات القوية) حصلت جسيمات الكوارك على هذا الاسم من مسمياتها الانجليزية مثل: فوق uـ (up)، وتحت d ـ (down)، وغريب S ـ (Strange)، وساحر C ـ (charm)،  وقاع b ـ (bottom) وأخيرا قمة t ـ (top).
لم تستطع للآن القدرة الفائقة للمعجلات إثبات أحجام منتهية لهذه الجسيمات الأولية. هذه الجسيمات تظهر لنا كنقط عند مقياس  fm 10⁻³.
وتنقسم هذه العناصر إلى ثلاث عائلات.
نتكون نحن والكون الحالي من العائلة الأولى. ويظهر الآخرون في التصادمات الكونية الطبيعية وفي تجاربنا، لكنهم لعبوا دورا أكبر في بداية الكون.
وبفضل المفاعل التصادمي LEP في CERN بجنيف، نعرف أنه لا توجد عائلات أخرى، على الأقل لها نيوترينو خفيف. ولن نتطرق إلى أسباب تكرار هذه العائلات ولكننا نذكر بعض الفروض الخاصة بهذا الموضوع.
الكتل المشاهدة لهذه العائلات متفرقة بطريقة مذهلة: دون حتى أن تتكلم عن النتيوترينو، بين كتلة الإلكترون وكتلة الكوارك t يوجد فارق عددي يقدر بــ 350000.
هناك معلومة أخرى تأتي لتعقد الجدول. الجسيمات التي لها دوران مغزلي، أي التي لها عزم دوران زاوي ذاتي ومن المعتاد مقارنتها بالنحلة.
قد لا تفيدنا هذه المعلومات عنها كثيرا لأن هذه الجسيمات عبارة عن نقط ولأن عزم الدوران الزاوي مكمي الدوران المغزلي للمكونات يساوي ½ وحدة عزم الدوران الزاوي الأولى  مما يجعله من جسيمات الفرميون (تبعا لإنريكو فرمي Enrico Fermi). هذه الجسيمات تتبع مبدأ باولي للاستعباد Principe d'exclusion ولا تقبل بأن يتواجد اثنان منها في نفس حالة الطاقة. على طول اندفاع الجسيم أي: حركته، يأخذ الدوران المغزلي القيمة + ½ أو ½ - . سوف نستخدم صورة حلزون للشرح: في الحالة الأولى الحلزون يتحرك مثل الجسيم في اتجاه عقارب الساعة.
ونلقبها بالحالة اليمنى. الأخرى ستكون الحالة اليسرى. أو نتخيل صورة أخرى: إذا كان إصبع الإبهام متجها إلى جهة حركة الجسيم، فالأصباع الأخرى لليد اليمنى سوف تلتف إلى اليمين. ونحو اليسار لليد اليسرى. إننا سوف نتحدث إذا عن مبدأ اللاتماثل المرآوي (chirality) من اليونانية (χεlρ) للحالات اليمنى أو اليسرى.
ونصادف هنا حدثا غريبا نستطيع أن نوضحه في حالة النيوترينو.
فالنيوترينو الأيسر عندما نراه في مرآة يصبح بيوترينو أيمن. وبينما تقدم لنا الطبيعة فقط نيوترينو أيسر لا يوجد نيوترينو الأيسر ليس له صورة في المرآة. إنها ظاهرة مشهودة لانتهاك مبدأ التماثل (الندية) (Parity) المكتشف سنة 1957 الخاص بالتفاعلات الضعيفة. هذا المبدأ أذهل عالم الفيزياء لأننا ظننا أن كل النظم الفيزيائية الحية لها صورة في المرآة هي الأخرى حية.
وسوف نذكر هنا العلاقة بين الكتلة ومفهوم اللاتماثل المرآوي، فمن الممكن أن تتضاعف الكتلة غير المهملة للجسيم عند مشاهد يجري بسرعة أكبر منه (ولكن أقل من سرعة الضوء). وعندما يضاعفها يرى أن التماثل المرآوي للجسيم تغير، مثلا من اليسار إلى اليمين. إذا مفهوم التماثل المرآوي يعتبر صفة غير متغيرة.
هذا المفهوم يصلح للجسيمات ذات الكتلة الصفرية، التي تسافر بسرعة الضوء ولا يمكن أن تتضاعف.
توضح الصورة في أعلى الموضوع حدثا محيرا، حيث أننا نرى من وجهة نظر التفاعلات الضعيفة، جسيمات الفرميون اليسرى تعيش في أزواج مثل: زوجي الإلكترون - نيوترينو أو الزوجين الكوارك S والكوارك C بينما جسيمات الفرميون اليمنى فرادى.
هذه الحالة تتغير في حالة الفرميون - المضاد. إننا نسمي هذه الأزواج دبليت (doublet) ويمكن أن نشرح الحالة الجديدة كالآتي: إن الفرميونات كما توجد في الزمكان الذي نعيش فيه توجد أيضا في فضاء آخر نعتبره مجردا أو داخليا. ونمر من حالة إلى أخرى عن طريق الدوران في الفضاء الداخلي والذي سميناه فضاء الأيزوسبين "الدوران النظيري" (Isospin) الضعيف. في هذا الفضاء، الفرميون الأيمن عبارة عن قيمة غير متجة ولا يهتم بهذا الدوران.
شيء آخر: تتميز الواركات بخاصية ذات أهمية كبيرة. أنها تنقسم إلى عائلات مثل الليبتون، الحالات اليسرى لعائلة مكونة من أزواج (doublet) بينما العائلة اليمنى مكونة من اثنين فرادى. وزيادة على ذلك، فكل كوارك له ثلاثة تنوعات (الأعمدة الثلاثة) لها بقيم مختلفة. وأعطيناها شحنة جديدة سميت باللون.
هذه الصفة "اللون" ليس لها علاقة بمفهومنا الاعتيادي للون وسنستخدم الطريقة الرمزية لدواعي الشرح. وهنا نستطيع أن تقول إن جسيمات الكوارك فقط تعيش في فضاء آخر مجرد ثلاثي الأبعاد. يسمى هذا الفضاء اللون وننتقل من لون إلى لون مختلف عند الدوران في هذا الفضاء. شحنى اللون هي مفتاح التفاعلات القوية، المعاد صياغتها حديثا في نظرية الديناميكا الكمية اللونية Chromodynamique.

0 comments

إرسال تعليق