يبدو الليل مظلما، ليس فيه أي شيء. وبواسطة أجهزة الرصد الحديثة يكون الليل لامعا. لكن التناقض هو أن الليل لا يكون مضيئا إلى درجة قصوى. بالتأكيد هو لامع، ولكن لماذا بهذه الدرجة الضئيلة ؟
منذ القرن السابع عشر كان عالم الفيزياء الدانماركي أولبرج Olberg قد بين كل الجزء الذي يمكن كشفه في السماء اللامعة. فإذا كان الكون منتظما ولا نهائيا فإن لمعان السماء العائد إلى تراكب انبعاث كل المصادر التي يحتوي عليها الكون يجب أن يكون لا نهائيا.
ولحسن الحظ، فإنه من أجل الحياة على الأرض، لم يحدث أي شيء من ذلك. وكان لابد من الانتظار حتى منتصف القرن العشرين لفهم التضمينات العميقة لهذا التناقض. وقد أنجز آنشتاين إطار هذا الفهم بواسطة نظريته حول الجاذبية.
وأشارت أرصاد هابل Hubble في السنوات 1920 – 1930 إلى أن الكون كان في حالة تمدد. ونعرف أنها ليست موزعة بطريقة منتظمة في المكان، وأن الكون القابل للرصد محدود. وهذا هو السبب وراء أن الليل ليس له لون سوى "الرمادي".
وشهد فهمنا لعلم الكون تطورات مدهشة خلال السنوات العشرين الماضية. ويرتبط ذلك يتطورات الأرصاد، ويعود بشكل خاص إلى المراصد الفضائية، ولكنه يعود أيضا إلى التطور المدهش للنظرية والمحاكاة الرقمية.
وبواسطة الضوء نعرف كل طيف الموجات الكهرومغناطيسية، التي تمتد من أشعة جاما والأشعة السينية، ذات الطاقة العالية، حتى موجات الميكرو micro-ondes والموجات الراديوية radios ذات الطاقة المنخفضة مرورا بالضوء المرئي، وهو المألوف لدينا أكثر من غيره. وناقل المعلومات الذي يمثل الضوء، هو جسيم يطلق عليه اسم الفوتون photon، ومن خلال نظريات الفيزياء الحديثة، يمكن وصف انتشار الضوء أيضا بمصطلحات الموجة وليس الفوتونات (أي بمصطلحات الجسيمات وبالأحرى الموجات). وبشكل عام، يكون عدد الفوتونات التي يستقبلها التلسكوب الحديث، في حالة الطاقة المنخفضة مرتفعا جدا، ويصل إلى عدة مئات الالاف في الثانية، ويفضل وصف الظواهر بمصطلحات الموجات. وبالنسبة للطاقة المرتفعة، تكون الفوتونات أكثر ندرة، حيث تصل إلى بضعة فوتونات في الثانية بالنسبة للأشعة السينية، وبضعة فوتونات في اليوم بالنسبة لأشعة جاما ذات الطاقة بالغة الارتفاع، ويفضل وصف الظواهر بمصطلح الفوتونات. لكن الفيزياء التحتية sous-jacente تظل هي نفسها. والميزة الرئيسية للضوء أنه ينتشر في خط مستقيم بدون أن يتم امتصاصه بإفراط. لذلك فإنه يتيح رصد مصادر بعيدة جدا مع تعيين مواقعها. ومنذ الأزمنة العريقة في القدم، كان الضوء هو الوسيلة الرئيسية، إن لم تكن الوحيدة لمراقبة السماء. والمصدران الرئيسيان للضوء هما الإشعاع الأحفوري fossile المرتبط بالأطوار الأولى لتطور الكون، ومجموع الإشعاعات المنبعثة من مكونات الكون: النجوم، والمجرات، وركام المجرات amas de galaxies.
وكان لحرب (1939-1945) عدد من الآثار السلبية، إلا أنها أحدثت تطورات مهمة في التقنيات. وأظهرت هيروشيما أن ذلك لم يكن دائما من أجل الأفضل. لكن التطورات التقنية في الرادارات كانت اصل التطورات المدهشة في علم الفلك الراديوي radioastronomie بعد الحرب. ثم حدث الإحلال بعد ذلك بتطوير الاتصالات. كذلك حدث أن مهندسين من مختبرات بل Bell، هما بينزياس Penzias وولسون Wilson، خلال محاولتهما ضبط هوائي بالغ الحساسية، تعثرا في شوشرة في الأغوار موحدة الخواص ومتصلة. وأتاحث دراسة شوشرة الأغوار هذه التعرف على إشعاع سبق التنبؤ به في إطار نظريات تمدد الكون. وبعكس ما يتم التأكيد عليه غالبا، لا يرتبط هذا الإشعاع بالانفجار العظيم. وقد نتج تقريبا بعد الانفجار الأول. وهناك في إحدى نظريات التمدد، أيا كانت، تنبؤ بأن الكون مر بطورين ساخنين وكثيفين بما يكفي لأن تصبح الذرات متأينة بشكل كامل. وفي هذه الأحوال كان الكون ممتلئا بالبروتونات، وبالنوى، وبالإلكترونات وبالفوتونات.
وتفاعلت الفوتونات مع الالكترونات. وكانت حالة توازن معها، ولم تستطع الانتشار إلى مسافات بعيدة. وبسبب تمدد الكون بردت المادة حتى اللحظة التي حدث فيها تكون الذرات، واتحدت الالكترونات مع النوى لتكوين الذرات. وأصبح الكون عندئذ شفافا بالنسبة للفوتونات التي لم يعد لديها ما يجعلها تتفاعل. وعندئذ كان طيف طاقة الفوتونات هو طيف جسم أسود عند درجة حرارة الكون في عصر إعادة التركيب recombinaison. وبالتالي بردت حرارة هذا الجسم الأسود على أثر تمدد الكون. ويقترب في الوقت الراهن من 2.7 كلفن، أي: 270.3 درجة مئوية.
وهذا هو سبب عدم رصده إلا في نطاق الموجات الميكرو وموجات الراديو.
وتوجد قمة الانبعاث عند 1.4 مم تقريبا. ومنذ الاكتشاف الأول، احتاج الأمر إلى ثلاثين سنة حتى أصبح ممكنا قياس طيف انبعاث هذا الجسم الأسود الكوني بدقة كبيرة. وأنجز ذلك بواسطة القمر الصناعي الأمريكي COBE الطي أطلق في 1989. ويمكن التأكيد الآن بثقة أن هذا الانبعاث من أصل كوني بالفعل.
وهذا الإشعاع متساوي الخصائص في جميع الاتجاهات ومنتظم بدقة بالغة الارتفاع. إلا أنه يمكن اكتشاف انحرافات صغيرة إذا ترجمت باصطلاحات درجة الحرارة، فإنها تتفق مع تموجات بضعة مايكرو كلفن، أي: تموجات بأجزاء من المليون. وتتطابق هذه التموجات في طيف الفوتونات مع تموجات كثافة إلكترونات في عصر إعادة التركيب. وكان الكون عندئذ متجانسا تقريبا، لكنه لم يكن متجانسا تماماً. وأدت تموجات الكثافة هذه بالتالي إلى نشوء المجرات وركام المجرات.
وأدى قياس تموجات درجة حرارة الجسم الأسود الكوني إلى تعيين تموجات الكثافة بالفعل في أصل الكون. ويتعبر كوب أول مرصد يتيح وجود التموجات.
ولسوء الحظ تعتبر هذه النتيجة جبرية بعض الشيء بالنسبة للنماذج الكونية، لأن المقاييس الزاوية التي لدى كوب مدخل إليها ليست ذات مقاس عام بالنسبة لنوع المجرات والركان الذي نرصده حاليا. ولقد أثبت كوب أن الكون لم يكن متجانسا بشكل كامل، ولم يسمح بتحديد نوع الكون الذي نعيش فيه. ولكي نحرز تقدما، يجب أن يكون لدينا أجهزة يكون لها وضوح زاوي يقترب من بضعة دقائق قوسية minutes d’arc أفضل بكثير من الدرجات السبع لكوب. ولقد نجح التلسكوب الأمريكي الإيطالي BOOMERANG، الذي أطلق في 1999 بواسطة بالون في رحلة طيران حول مناطق القطب الجنوبي لمدة خمسة عشر يوما، للمرة الأولى في إنجاز خريطة للتموجات على مقاييس زاوية بدرجة نحو عشرين دقيقة قوسية.
وأوضح تحليل هذه التموجات أنها تتضمن كونا مسطحا. فلنتذكر أن هناك ثلاثة أنواع من الهندسة الممكنة في نماذج الكون تتفق مع النسبة العامة لآنشتاين. ويتم تعريف هذه الأكوان بانحنائها الموجب، أو السلبي أو المنعدم. ويبدو أن نتائج BOOMERANG تشير إلى أننا في هذه الحالة الأخيرة أي: النموذج الأكثر بساطة، العادي أكثر من غيره.
منذ القرن السابع عشر كان عالم الفيزياء الدانماركي أولبرج Olberg قد بين كل الجزء الذي يمكن كشفه في السماء اللامعة. فإذا كان الكون منتظما ولا نهائيا فإن لمعان السماء العائد إلى تراكب انبعاث كل المصادر التي يحتوي عليها الكون يجب أن يكون لا نهائيا.
ولحسن الحظ، فإنه من أجل الحياة على الأرض، لم يحدث أي شيء من ذلك. وكان لابد من الانتظار حتى منتصف القرن العشرين لفهم التضمينات العميقة لهذا التناقض. وقد أنجز آنشتاين إطار هذا الفهم بواسطة نظريته حول الجاذبية.
وأشارت أرصاد هابل Hubble في السنوات 1920 – 1930 إلى أن الكون كان في حالة تمدد. ونعرف أنها ليست موزعة بطريقة منتظمة في المكان، وأن الكون القابل للرصد محدود. وهذا هو السبب وراء أن الليل ليس له لون سوى "الرمادي".
وشهد فهمنا لعلم الكون تطورات مدهشة خلال السنوات العشرين الماضية. ويرتبط ذلك يتطورات الأرصاد، ويعود بشكل خاص إلى المراصد الفضائية، ولكنه يعود أيضا إلى التطور المدهش للنظرية والمحاكاة الرقمية.
الاشعاع
يعتبر المصدر الرئيسي للمعلومات في الكون مكوناته الناشئة عن الضوء.وبواسطة الضوء نعرف كل طيف الموجات الكهرومغناطيسية، التي تمتد من أشعة جاما والأشعة السينية، ذات الطاقة العالية، حتى موجات الميكرو micro-ondes والموجات الراديوية radios ذات الطاقة المنخفضة مرورا بالضوء المرئي، وهو المألوف لدينا أكثر من غيره. وناقل المعلومات الذي يمثل الضوء، هو جسيم يطلق عليه اسم الفوتون photon، ومن خلال نظريات الفيزياء الحديثة، يمكن وصف انتشار الضوء أيضا بمصطلحات الموجة وليس الفوتونات (أي بمصطلحات الجسيمات وبالأحرى الموجات). وبشكل عام، يكون عدد الفوتونات التي يستقبلها التلسكوب الحديث، في حالة الطاقة المنخفضة مرتفعا جدا، ويصل إلى عدة مئات الالاف في الثانية، ويفضل وصف الظواهر بمصطلحات الموجات. وبالنسبة للطاقة المرتفعة، تكون الفوتونات أكثر ندرة، حيث تصل إلى بضعة فوتونات في الثانية بالنسبة للأشعة السينية، وبضعة فوتونات في اليوم بالنسبة لأشعة جاما ذات الطاقة بالغة الارتفاع، ويفضل وصف الظواهر بمصطلح الفوتونات. لكن الفيزياء التحتية sous-jacente تظل هي نفسها. والميزة الرئيسية للضوء أنه ينتشر في خط مستقيم بدون أن يتم امتصاصه بإفراط. لذلك فإنه يتيح رصد مصادر بعيدة جدا مع تعيين مواقعها. ومنذ الأزمنة العريقة في القدم، كان الضوء هو الوسيلة الرئيسية، إن لم تكن الوحيدة لمراقبة السماء. والمصدران الرئيسيان للضوء هما الإشعاع الأحفوري fossile المرتبط بالأطوار الأولى لتطور الكون، ومجموع الإشعاعات المنبعثة من مكونات الكون: النجوم، والمجرات، وركام المجرات amas de galaxies.
الإشعاع الأحفوري
فيما يتناقض مع أحلام التكنوقراطيين، تعتبر الاكتشافات الأكثر أهمية ثمرة الأعمال غير المتعمدة. وهذا ما حدث أيضا بالنسبة لاكتشاف الإشعاع الأحفوري.وكان لحرب (1939-1945) عدد من الآثار السلبية، إلا أنها أحدثت تطورات مهمة في التقنيات. وأظهرت هيروشيما أن ذلك لم يكن دائما من أجل الأفضل. لكن التطورات التقنية في الرادارات كانت اصل التطورات المدهشة في علم الفلك الراديوي radioastronomie بعد الحرب. ثم حدث الإحلال بعد ذلك بتطوير الاتصالات. كذلك حدث أن مهندسين من مختبرات بل Bell، هما بينزياس Penzias وولسون Wilson، خلال محاولتهما ضبط هوائي بالغ الحساسية، تعثرا في شوشرة في الأغوار موحدة الخواص ومتصلة. وأتاحث دراسة شوشرة الأغوار هذه التعرف على إشعاع سبق التنبؤ به في إطار نظريات تمدد الكون. وبعكس ما يتم التأكيد عليه غالبا، لا يرتبط هذا الإشعاع بالانفجار العظيم. وقد نتج تقريبا بعد الانفجار الأول. وهناك في إحدى نظريات التمدد، أيا كانت، تنبؤ بأن الكون مر بطورين ساخنين وكثيفين بما يكفي لأن تصبح الذرات متأينة بشكل كامل. وفي هذه الأحوال كان الكون ممتلئا بالبروتونات، وبالنوى، وبالإلكترونات وبالفوتونات.
وتفاعلت الفوتونات مع الالكترونات. وكانت حالة توازن معها، ولم تستطع الانتشار إلى مسافات بعيدة. وبسبب تمدد الكون بردت المادة حتى اللحظة التي حدث فيها تكون الذرات، واتحدت الالكترونات مع النوى لتكوين الذرات. وأصبح الكون عندئذ شفافا بالنسبة للفوتونات التي لم يعد لديها ما يجعلها تتفاعل. وعندئذ كان طيف طاقة الفوتونات هو طيف جسم أسود عند درجة حرارة الكون في عصر إعادة التركيب recombinaison. وبالتالي بردت حرارة هذا الجسم الأسود على أثر تمدد الكون. ويقترب في الوقت الراهن من 2.7 كلفن، أي: 270.3 درجة مئوية.
وهذا هو سبب عدم رصده إلا في نطاق الموجات الميكرو وموجات الراديو.
وتوجد قمة الانبعاث عند 1.4 مم تقريبا. ومنذ الاكتشاف الأول، احتاج الأمر إلى ثلاثين سنة حتى أصبح ممكنا قياس طيف انبعاث هذا الجسم الأسود الكوني بدقة كبيرة. وأنجز ذلك بواسطة القمر الصناعي الأمريكي COBE الطي أطلق في 1989. ويمكن التأكيد الآن بثقة أن هذا الانبعاث من أصل كوني بالفعل.
وهذا الإشعاع متساوي الخصائص في جميع الاتجاهات ومنتظم بدقة بالغة الارتفاع. إلا أنه يمكن اكتشاف انحرافات صغيرة إذا ترجمت باصطلاحات درجة الحرارة، فإنها تتفق مع تموجات بضعة مايكرو كلفن، أي: تموجات بأجزاء من المليون. وتتطابق هذه التموجات في طيف الفوتونات مع تموجات كثافة إلكترونات في عصر إعادة التركيب. وكان الكون عندئذ متجانسا تقريبا، لكنه لم يكن متجانسا تماماً. وأدت تموجات الكثافة هذه بالتالي إلى نشوء المجرات وركام المجرات.
وأدى قياس تموجات درجة حرارة الجسم الأسود الكوني إلى تعيين تموجات الكثافة بالفعل في أصل الكون. ويتعبر كوب أول مرصد يتيح وجود التموجات.
ولسوء الحظ تعتبر هذه النتيجة جبرية بعض الشيء بالنسبة للنماذج الكونية، لأن المقاييس الزاوية التي لدى كوب مدخل إليها ليست ذات مقاس عام بالنسبة لنوع المجرات والركان الذي نرصده حاليا. ولقد أثبت كوب أن الكون لم يكن متجانسا بشكل كامل، ولم يسمح بتحديد نوع الكون الذي نعيش فيه. ولكي نحرز تقدما، يجب أن يكون لدينا أجهزة يكون لها وضوح زاوي يقترب من بضعة دقائق قوسية minutes d’arc أفضل بكثير من الدرجات السبع لكوب. ولقد نجح التلسكوب الأمريكي الإيطالي BOOMERANG، الذي أطلق في 1999 بواسطة بالون في رحلة طيران حول مناطق القطب الجنوبي لمدة خمسة عشر يوما، للمرة الأولى في إنجاز خريطة للتموجات على مقاييس زاوية بدرجة نحو عشرين دقيقة قوسية.
وأوضح تحليل هذه التموجات أنها تتضمن كونا مسطحا. فلنتذكر أن هناك ثلاثة أنواع من الهندسة الممكنة في نماذج الكون تتفق مع النسبة العامة لآنشتاين. ويتم تعريف هذه الأكوان بانحنائها الموجب، أو السلبي أو المنعدم. ويبدو أن نتائج BOOMERANG تشير إلى أننا في هذه الحالة الأخيرة أي: النموذج الأكثر بساطة، العادي أكثر من غيره.
إذا كان لدى المرء عينان تريان في نطاق الموجات الميكرو، وبالأحرى في النطاق المرئي، سيكون للسماء مظهر هذه الصورة، وسيكون لمعان السماء مهيمنا عليه بالشعاع الأحفوري الناتج عن تمدد الكون، ويمكن أن نميز فيها التموجات الصغيرة الموجودة في أصل المجرات. ويمثل هذا التشكيل المصور مشهدا من إطلاق البالون BOOMERANG فوق هضبة القطب الجنوبي، أمام البركان إيرباس Erbus. وتموجات العمق الكوني، هي تلك التي قاسها BOOMERANG. |
0 comments
إرسال تعليق