نظرية الكم | Quantum Theory
في العشرين سنة الأولى من القرن العشرين، أحدث الاكتشاف المذهل للعالم الدون الذري ضجة كبيرة في علم الفيزياء. قبل زمن بعيد، حيث الميكروسكوبات لم تكن من القوة ما يمكن الباحثين من مشاهدة الذرة، استعمل العلماء المبادئ الرياضية لجس العالم الدون ذري للإلكترونات والبروتونات ودقائق ألفا وبيتا.
قدم العديد من الباحثين المشهورين أمثال ألبرت آنشطاين، فيرنر هيزنبرغ، ماكس بلانك، باول ديراك وآخرين نظريات لشرح هذا الفرع العلمي الجديد والغريب. ولكن دون جميع فطاحل العلم هؤلاء، حظي الرجل الرزين البسيط الذي يدعى ماكس بورن بشرف اكتشاف نظرية كمية موحدة وصفت العالم الدون الذري بشكل نظامي ورياضي.
كانت هبة ماكس بورن للعالم عبارة عن حقل جديد شاسع من الدراسة نسميه "ميكانيكا الكم" يعد أساسا لجميع علوم الفيزياء الذرية والنووية الحديثة وميكانيكا الحالة الصلبة. إنه بفضل من ماكس بورن يمكننا الآن أن نصف عالم الجسيمات الدون ذرية وضفا كما من نوعه.
- كيف تم هذا الإكتشاف ؟
نشر آنشطاين نظريته النسبية العامة عام 1905م. هكذا وطوال آخر عام ونصف من دراسته الجامعية، عاش طالب الرياضيات بجامعة غوتنغن والبالغ من العمر خمسا وعشرين سنة ماكس بورن Max Born، عالماً يضج بأعاجيب وتطبيقات ومكامن النظرية الجريئة والثورية لآنشتاين.
وهو يعاني مرارة خيبة الأمل لعجزه عن إيجاد منصب بعد التخرج يتسنى له من خلاله إتمام دراساته حول العالم الدون ذري، عاد بورن أدراجه إلى بيته ليعمل وحيدا في غرفة تفوح منها عبق ذكريات الطفولة والصبا، وعلى طاولة استعملها يوما ما لتأدية واجباته البيتية. فقضى ماكس بورن عامين كاملين وهو يحاول تطبيق تعالميه الرياضية على مسائل النسبية الدون ذرية كما وصفت في نظرية آنشتاين، توجههما باكتشاف طريقة مبسطة وأكثر دقة لحساب الكتلة الضئيلة للإلكترون.
نشر بورن تقريرا بملاحظاته تلك وحظي وراءها بمنصب مستديم في جامعة غوتنغن.
ولكن لم ينقض أسبوعان على مباشرته بعمله، حتى تبخر المنصب بين يديه من جديد. فعرج بورن على بيته ثانية من أحل سنة أخرى كاملة من الدراسة المستقلة وتقرير ثان يصف مراجعة منه للتطبيقات الرياضية لنسبية آنشتاين، قبل أن يمنح منصبا تدريسيا بالجامعة المذكورة.
على أية حال، كان التمويل البحثي الوحيد في الجامعة مخصصا لدراسة الطاقة الاهتزازية في البلورات. مثقلا بخيبة أمل جديدة وشعور بالاقصاء عن فرصة ثمينة لاقتناص تركيب الذرة. بدأ بورن بدراسته عن البلورات. على مر خمسة أعوام، قام بورن ومعاونين له بجمع وإنماء وتقطيع (إلى شرائح وتدية برقة الورق) ودراسة وقياس وتحليل للبلورات.
في عام 1915م، انتقل بورن إلى جامعة برلين للعمل مع عملاق الفيزياء ماكس بلانك Max Planck. كان بلانك وأنشتاين في معمعة سباقهما لفك طلاسم العالم الدون ذري وفهم ألغازه. ومن جانبه، أتى بورن بتفوقه الرياضي وفهمه للبلورات لمعاونة هذين الرجلين في مجهودهما الجهيد. لقد كانت تلك حالة كلاسيكية ليكون أخيرا في المكان المناسب بالوقت المناسب وبالخلفية المناسبة.
تكاثرت النظريات المقدمة لشرح السلوك الخاص من نوعه للجسيمات الدون ذرية.
لكن لم يتمكن أحد من تقديم الحسابات التي تثبت وتصف هذه النظريات، فخيمت المسألة بلغزها الدفين على أعظم العقول وأنبغها في عالم العلوم لمدة تضاهي العشرين عاما.
خطر على بال بورن بأن ما شاهده الفيزيائيون من تعقدي واضطراب في ظواهر الكم الخاصة بالإلكترونات يشابه إلى حد كبير سلوك البلورات التي درسها لمدة خمسة أعوام مضت.
وفي عام 1916م، باشر بورن بتطبيق ما تعلمه عن البلورات على المسألة العددية الجسيمة والمعقدة التي أحاطت بالجسيمات الدون ذرية. فمد هذا العمل بالأودات الرياضية المتاحة أقصى حدود تمددها، ممتدا بدروه على مر تسع سنوات من العمل الدؤوب على السبورات ودفاتر الملاحظات والمساطر الحاسبة.
وأخيرا في عام 1925م، أنهى بورن عمله عن الــ Zur Quantenmechanik أو "ميكانيكا الكم" العبارة التي لم تستعمل من قبل قط. انفجر هذا التقرير بعمق لاوسط العملي، مرسيا الأساسيات التي تحدث عنها آنشتاين وبلانك وديراك ونيلز بور وهيرمان منكوفسكي وهايزنبرغ وآخرون، بطريقة رياضية واضحة. كما فسر ووصف العالم الدون ذري المدهش بشكل صائب وسليم.
أصبح "ميكانيكا الكم" ساما لعالم جديد من الدراسة يركز على وصف الظواهر الدون ذرية وصفا كميا، ويشغل فيه ماكس بورن منصب المؤسس.
هل تعلم ؟
في عالم الكم الغريب، لا تطبق العديد من قوانينا "الاعتيادية" هناك، تتواجد الأسجام (كالإلكترونات) بانتظام في مكانين مختلفين بالوقت ذاته، دون الإخلال بأي من قوانين الكم.
0 comments
إرسال تعليق